سورة الكهف - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


بارزة: ظاهرة ليس على وجهها شيء. حشرناهم: سقناهم إلى الموقف. فلم نغدر: لم نترك. وعرضوا: أُحضروا للفصل والحساب. صفا: مصطفين. ووضع الكتاب: جعل كتاب كل إنسان في يده. مشفقين: خائفين. الويل: الهلاك. احصاها: عدها.
بعد أن بين الله تعالى ان الدنيا فانية زائلة، وانه لا ينبغي ان يعتزَّ أحدٌ بِزخْرفها ونعيمها، أردف هنا بذِكر مشاهدِ يوم القيامة وما فيها من أهوال، وانه لا ينجيّ في ذلك اليوم الا من آمنَ وعمل صالحا، ولا ينفع الإنسان مالٌ ولا بنون ولا جاهٌ ولا مناصب.
اذكر أيها الرسول للناس وأنذِرْهم يومَ نُفني هذا الوجودَ ونقتلع هذه الجبالَ من أماكنها ونسيّرها ونجعلها هباء منثورا، كما قال تعالى في سورة النمل 88: {وَتَرَى الجبال تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب} وتبصر في ذلك اليوم الأرضَ ظاهرة مستوية لا عوج فيها ولا وادي ولا جبل.
{وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً}.
وجمعنا الناس وبعثناهم من قبورهم فلم نترك احدا، كما قال تعالى: {ذلك يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ الناس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ} [هود: 104]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُحشَر الناس حفاةً عراة.. فقلت: الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: الأمر أشدُّ من أن يهمَّهم ذلك» وزاد النِّسائِّي: {لِكُلِّ امرئ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 36]، يعني من شدّة الهول لا ينظر أحد إلى غيره.
قراءات:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر:{ويوم تُسيَّر الجبالُ} بضم التاء ورفع الجبال، والباقون{نسير} بضم النون ونصب {الجبال}.
ثم بين كيفية حشرِ الخلق وعرضِهم على ربهم بقوله: {وَعُرِضُواْ على رَبِّكَ صَفَّاً...}.
ويعرَض الناس في ذلك اليوم على الله في جموع مصفوفة ويقول الله تعالى: لقد بعثناكم بعدَ الموت كما أحييناكم أولَ مرة، وجئتمونا فُرادى حفاةً عراةً لا شيء معكم من المال والولد، وقد كنتم في الدنيا تكذِّبون بالبعث والجزاء.
ووُضع كتابُ الأعمال في يد كل واحد، فيبصره المؤمنون فَرِحين بما فيه، ويبصره الجاحدون فتراهم خائفين مما فيه من الأعمال السيئة. وعند ذلك يقولون: يا ولينَا ما لِهذا الكتابِ لا يترك صغيرةً ولا كبيرة الا بيَّنها بالتفصيل والدّقة وعدَّها!!.
ثم اكد الله ذلك بقوله: {وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}.
ووجدوا أمامهم في كتابهم كلَّ عملٍ عملوه مثبتا، والله سبحانَه عادلٌ لا يظلم أحداً من خَلْقه بل يعفو ويصفح، ويغفر ويرحم، ويعذّب من يشاء بحكمته وعدله.
أخرج ابن المنذر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ان الله تعالى ينادي يوم القيامة: يا عبادي، أنَا الله لا اله الا انا ارحمُ الراحمين وأَحكَم الحاكمين واسرع الحاسبين، أحضِروا حجّتكم، ويسرِّروا جوابكم، فإنم مسئولون محاسَبون».


فَسَقَ عن امر ربه: خرج عن طاعته. فهم لكم عدو: العدو يطلق على الواحد والجمع. العضد: ما بين المرفق والكتف ومعناه هنا المعين المساعد والنصير. فدعوهم: فاستغاثوا بهم فلم يغيثوهم. موبقا: حاجزا فيه الهلاك. الموبق: المهلك، وبق يبق وبوقا: هلك. مواقعوها: واقعون فيها. مصرفا: مكانا ينصرفون اليه.
{وَإِذَا قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ....}.
تقدم ذلك في الآية 34 من سورة البقرة والآية 11] من سورة الاعراف، والآية 61 من سورة الاسراء، وهي في كل موضع جاءت لفائدةٍ ومعنى غير ما جاءت له في المواضع الأخرى، على اختلاف اساليبها وعباراتها المعنى المراد منها.
وهنا يشير الله تعالى إلى أن الكفر والعصيانَ مصدرهما طاعة الشيطان، وابليس أعدى الأعداءِ. وقد خرج عن طاعة الله ولم يسجد لآدمَ سجودَ تحيَّةٍ وإكرام، مع ان الملائكة كلَّهم سجدوا وأطاعوا أمرَ ربهم، فعصى ربه عن امره. ومعهذا وبعد أن عرفتم عصيانه وتمرُّدَه على الله تتخذونه هو وأعوانَه أنصاراً لكم من دون الله، وهم لكم اعداء!
{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً} بئس البدلُ للكافرين بالله اتخاذُ إبليسَ وذرّيته أولياءَ من دونه.
{مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً}.
ما أطلعتهم على أسرار التكوين، وما احضرتُ إبليس ولا ذريته خَلْقَ السموات والارض وما أشهدتُ بعضَهم خلق بعض لأستعين بهم، وما كنتُ في حاجةٍ إلى معين، وما كنت متخذ المضلِّين الجاحدين أعوانا وانصارا، تعالى الله الغنيُّ عن العالمين.
ثم اخبر سبحانه عما يخاطَب به المشركون يوم القيامة على روؤ الاشهاد تقريعاً لهم وتوبيخا فقال: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ الذين زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً}.
اذكر لهم أيها الرسول يوم يقول الله للمشركين: نادوا الذين ادَّعيتم أنهم شركائي في العبادة ليشفعوا لكم كما زعمتم، فاستغاثوا بهم فلم يُجيبوهم، وجعلْنا بينهم حاجزاً مهلكا، وهو النار. ورأى المجرمون النارَ بأعينهم، فأيقنوا انهم واقعون يها، ولم يجدوا عنها مَحِيدا.
قراءات:
قرأ حمزة وحده: {ويوم نقول} بالنون، والباقون: {ويوم يقول} بالياء.


{وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هذا القرآن لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ}.
لقد وضحنا للنا كلَّ ما هم في حاجة إليه من أمورِ دينهِم ودنياهم، ليتذَّكروا ويعتبروا، لكنهم لم يقبلوا ذلك.
{وَكَانَ الإنسان أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}
كان الإنسان بمقتضى جِبِلَّتِه اكثرَ شيء مِراءً وخصومة، لا يُنيب إلى حق، لا يزدَجِر بموعظة.
{وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا..}
وما منع هؤلاءَ المشركين من الإيمان، حين جاءهم الحقُّ وهو الرسول والقرآن، الا تعنُّتهم وطلبهم من الرسول أن يأتيَهم بالهلاك، وهي سُنَّةُ الاولين، أو يأتيَهم العذابُ مواجهة وعيانا.
قراءات:
قرأ أهل الكوفة: {قُبُلا} بضم القاف والباء. والباقون: {قبلا} بكسر القاف وفتح الباء.
{وَمَا نُرْسِلُ المرسلين إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ...}.
وما نرسل الرسلَ والأنبياء الا ليبشّروا بالإيمان والتصديق بالله ورسُله وبجزيل ثوابه، وينذِروا الناسَ بعظيم عقابه وأليم عذابه.
ويجادل الذين أشركوا بالباطل، ليُبْطِلوا الحق، واتخذوا آيات الله وحُجَجَهُ والنذُرَ التي انذرهم بها استهزاء وسخريّة.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7